وهو يتعلق بالمحذوف و المثبوت من حروف العلة فقد يوجد في المصحف ألفا ثابتة رسما ولكنها تحذف وقفا ، وألفا محذوفة رسما ولكنها تثبت وقفا ، وياء ثابتة رسما ولكنها تحذف وقفا ، أو ياء ثابتة وقفا محذوفة رسما وهكذا الواو ، فهذا الباب يتعلق بحروف العلة الثابتة و المحذوفة .
وحروف العلة هي : الألف الساكن المفتوح ما قبلها ، و الياء الساكن المكسور ما قبله ، و الواو الساكن المضموم ما قبله كما تقدم وعلم مهم جدا إذ أنه من لم يعلم المحذوف من الثابت تعرض للحن الجلي والخفي وهو لا يعلم :
قال الإمام الجراح في عمدة البيان :
فواجب على ذوى الأذهان
أن يتبعوا المرسوم في القرآن
ويقتدوا بما رأوه نظرا
إذ جعلوه للأنام وزرا
وكيف لا يجب الاقتداء
لما أتي مصابه الشفاء
إلى عياد أنه من غيرا
حرفا من القرآن عمدا كفرا
زيادة أو نقصا أو ان
يبدلا شيئا من الرسم الذي تأصلا
فعلم من هذا الكلام النفيس أهمية معرفة الثابت من المحذوف رسما من حروف العلة فنقول و بالله التوفيق :
هاك بيان لما ثبت من حرف الألف :
أولا : ( ذاقا الشجرة ) نقول ( ذاقا ) وحكمة مد طبيعي عوض عن العارض المحذوف وهو بسورة الأعراف .
ثانيا : ( وقالا الحمد لله ) بسورة النمل تقول ( وقالا ) وحكمة كالأول .
ثالثا : ( أيها ) في جميع القرآن كـ (يا أيها النبي ، و يأيها الناس ، و يا أيها الذين آمنوا ، و يا أيها الرسول ) تقول ( أيها ) وحكمه مد طبيعي عوض عن عارض محذوف كالأولين إلا في ثلاثة مواضع وهي ( وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون ) بسورة النور ، ( وقالوا يا أيها الساحر ) بسورة الزخرف، ( سنفرغ لكم أيه الثقلان ) بسورة الرحمن فإنك إن وقف على أي منها قلت ( أيه ) فتقول (وتوبوا إلى الله جميعا أيه ) ( سنفرغ لكم أيه ) ( وقالوا يا أيه ) .
رابعا و خامسا و سادسا : ( وتظنون بالله الظنونا ، وأطعنا الرسولا ، فأضلونا السبيلا ) بسورة الأحزاب ويسمى مدا طبيعيا للتمييز أي تظنون بالله الظنون التي لم يظن أحد ، وأطعنا الرسول المخصوص وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، فأضلونا السبيلا أي سبيل الرسول المخصوص لذا قلنا مدا طبيعيا للتخصيص ويقال مدا طبيعيا للتمييز .
سابعا : ( أنا أعتدنا للكافرين سلاسلا ) بسورة الإنسان وفيها الوجهان لحفص تقول ( إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا ) أو ( سلاسل ) وعلى القول بـ (سلاسلا ) يكون مدا طبيعيا للتخصيص أو تمييز أي ليست كأي سلاسل ، ويجوز أن يسمى مدا طبيعيا لأشباع الحركة .
ثامنا
وأكواب كانت قواريا ) وهو مد طبيعي عوض عن التنوين .
تاسعا : ( وليكونا من الصاغرين ) بسورة يوسف ، تقول : ( ليسجنن ، وليكونا ) وهو مد طبيعي عوضا عن التنوين .
عاشرا : ( لنسفعا بالناصية ) تقول ( كلا لئن لم ينته لنسفعا ) مد طبيعي عوض عن التنوين أيضا وكذلك ما سبق تعريفه من البدل العوض عن التنوين كـ(بناءا ، ونداء ونساء ، وماء ودعاء ) وأيضا من مد العوض عن التنوين الطبيعي كعليما وحكيما وخبيرا وبصيرا وما شابه ذلك كله .
الحادي عشر : وتثبت أيضا في (إذا ) في نحو قوله تعالى ( وإذا لأتينهم ) تقول : ( وإذا ) في سورة النساء وهو مد طبيعي عوض عن التنوين ، وكذلك ( فإذا لا يؤتون الناس نقيرا )بسورة النساء أيضا تقول ( فإذا ) و هو أيضا مد طبيعي عوض عن التنوين ، وكذلك نحو : ( إذا لبتغوا إلى ذي العرش ) بسورة الإسراء تقول (كما يقولون إذا ) عوضا عن التنوين .
الثاني عشر : وتثبت في كلمة ( أنا ) وذلك نحو ( أنا أحيي وأميت ) ( أنا آتيك به ) وهو مد طبيعي لصلة ضمير المتكلم .
الثالث عشر : تثبت في لفظ ( لكنا ) في سورة الكهف ( لكنا هو الله ربي ) إذا وقفت قلت : ( لكنا ) وهو أيضا مد طبيعي لصلة ضمير المتكلم بمعنى ( لكن أنا ) ، أما ( ثمودا ) في الفرقان وهود والعنكبوت ، وكذلك النجم فهي محذوفة تقول ( ثمود ) وذلك في قوله ( ألا بعدا لثمود ) بسور هود ( و عادا وثمود وأصحاب الرس ) بالفرقان تقول : ( وعادا وثمود ) وكذلك : ( وعادا وثمود وقد تبين لكم ) بالعنكبوت تقول ( و عادا وثمودا ) و( ثمود فما أبقى ) في النجم تقول ( و ثمود ) ( وألا إن ثمود كفروا ربهم ) بسورة هود تقول ( ألا إن ثمود ) وحكمة مد عارض للسكون منصوب فيه القصر و التوسط و المد هذا بيان ما أثبت من الألف وما حذف منها .
وإليك بيان ما أثبت من الياء تثبت الياء في ما ذكره بعض المحققين فقال :
وياء مُحلي حاضري مع مهلكي
آت المقيم معجزي لا تتركي
يعنى أن الياء في قوله ( محلى الصيد ) يوقف عليها بالياء تقول ( محلي ) ، وكذلك ( حاضرى المسجد الحرام ) تقول ( حاضري ) ، والأول في المائدة و الثاني بالبقرة ، وكذلك الياء في قوله ( وما كنا مهلكى القرى ) بسورة القصص تقول
وما كنا مهلكى ) ، وكذلك ( إن كل ما من في السماوات والأرض إلا أتي الرحمن ) بسورة مريم تقول ( إلا آتي ) ، و أيضا ( والمقيمي الصلاة ) بسورة الحج تقول ( و المقيمي ) ، وكذلك ( غير معجزى الله ) بالتوبة وهو مد طبيعى عوض لعارض محذوف .
أما الياء التي بعدها متحرك نحو ( مسني الضر ، مسني الشيطان ، اياتي الذين عبادي الذين ربي الذي ) فقد بينا سابقا أنها يوقف عليها بالياء وهو مد طبيعي لغياب أل ، و أما ( بيتي للطائفين ) فيوقف عليها بالياء ، وتسمى مد طبيعيا عارضا للسكون وتثبت الياء في ( نأتي الأرض ) بالرعد تقول : ( أو لم يروا أنا نأتي ) وهو مد طبيعي لعارض محذوف ، وكذلك ( يلقي الروح ) بسورة غافر تقول : ( ذي العرش يلقي ) مد طبيعي لعارض محذوف وتثبت في ( أولي الأيدي ) بسورة ص تقول ( أولي ) وهو مد طبيعي لعارض محذوف أيضا وحكمه مد لين عارض للسكون ممدود ومجرور فيه القصر و التوسط و المد و القصر بالروم ، ولا تثبت في ( ذا الأيد ) بسورة ص تقول ( ذا الأيد ) وتثبت في أربع وعشرين موضعا وهى :
أولا : ( فلا تخشوهم واخشونى ) بسورة البقرة تقول ( وأخشوني ) وقفا ووصلا .
ثانيا
فإن الله يأتى بالشمس ) بالبقرة تقول ( يأتي ) تثبت وصلا ووفقا .
ثالثا
يوم يأتى بعض آيات ) بسورة الأنعام وصلا و وقفا .
رابعا (يوم يأتي تأويله ) بسورة الأعراف وقفا ووصلا .
خامسا : ( يوم تأتى كل نفس ) بسورة النحل .
سادسا : ( فأتبعوني يحببكم ) بسورة آل عمران كل ذلك وقفا ووصلا ،و كل ما يأتي بعده .
سابعا : ( فأتبعونى وأطيعوا أمري ) بسورة طه .
ثامنا : ( قل إنني هداني ربي ) بالأنعام .
تاسعا : ( أو تقول لو أن الله هدانى ) بالزمر .
عاشرا : ( من يهدى الله فهو من المهتدى ) بسورة الأعراف .
الحادي عشر : ( فيكدونى جميعا ) بسورة هود .
الثاني عشر : ( قالوا ياأبانا ما نبغى ) بسورة يوسف .
الثالث عشر : ( على بصيرة أنا ومن اتبعني ) بيوسف أيضا .
الرابع عشر : ( فلا تسألنى عن شىء ) بالكهف .
الخامس عشر : ( وأن اعبدونى هذا صراط ) بسورة يس .
السادس عشر : ( عسى ربي أن يهدينى ) بالقصص .
السابع عشر : ( افمن يتقى بوجهة ) بسورة الزمر .
الثامن عشر : ( ربي لولا اخرتنى الى ) بسورة المنافقون .
التاسع عشر ( فلم يزدهم دعائى ) بسورة نوح .
العشرون : ( يا عبادى لاخوف عليكم ) بسورة الزخرف ، وقفا لا وصلا ، ومدة مدا طبيعيا لصلة ضمير المتكلم جل و على تقول ( يا عبادي ) .
الحادي و العشرون : ( يا عبادى الذين آمنوا إن أرضي ) بالعنكبوت وقفا لا وصلا وهو مد طبيعي لغياب أل .
الثاني والعشرون : ( قل يا عبادى الذين اسرفوا ) بالزمر وقفا لا وصلا وهو مد طبيعى لغياب أل .
الثالث و العشرون : ( إن كنتم في شك من ديني ) بسورة يونس وصلا ووقفا.
الرابع و العشرون : ( قل الله اعبد مخلصا له دينى) بالزمر وصلا ووقفا وما ثبت وقفا فقط أشرنا إليه و الباقي يثبت وصلا ووقفا ، وما سوى ذلك من الياءات محذوف و الله أعلم .
ثبوت الواو :
أولا : ( يمحوا الله ما يشاء ) تقول ( يمحو ) بسورة الرعد ، وهو مد طبيعي لصلة ضمير المتكلم أو قل مد طبيعي لعارض محذوف .
ثانيا : ( وثموا الذين جابوا الصخر ) بسورة الفجر تقول ( وثمود الذين جابوا ) وحكمه كالأول .
ثالثا : ( قالوا الآن ) بسورة البقرة تقول ( قالوا ) وحكمها كالسابقين ، رابعا ( وقالوا الحمد لله ) بسورة الزمر تقول ( وقالوا ) وحكمه كسوابقه ، وقس على ذلك ما ماثله إلا في خمس مواضع تحذف فيهن :
أولا : ( ويدعوا الانسان بالشر ) بسورة الإسراء تقول ( ويدع ) .
ثانيا ( ويمحوا الله الباطل ) بالشورى فإن وقفت قلت ( ويمح ) .
ثالثا ( يوم يدع الداع ) بالقمر تقول ( فتول عنهم يوم يدع ) .
رابعا ( وصالح المؤمنين ) بالتحريم تقول ( فإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح ) .
الخامس : ( سندع الزبانية ) بسورة العلق تقول ( سندع ) وحكم هذه المواضع عارض للسكون غير ممدود .
قال العلامة المتولي في اللؤلؤ المنظوم :
يمحو بشورى يوم يدع الداع مع
ويدعوا الإنسان سندع الواو دع
وهكذا و صالح الذي ورد
في سورة التحريم فاظفر بالرشد