للميم الساكنة سواء كانت ميم جمع أو غيرها ثلاثة أحكام :
الإخفاء ، والإدغام ، والإظهار .
فالإخفاء :
إذا دخلت الميم على الباء نطق بها مُخْفَاةَ الغُنَّةِ مثل : ( خذوا ما آتيناكم بقوة – والذين هم بآيات ربهم ) ، والإخفاء هنا أشهر وأقوى وإلا فقد صح الإخفاء وعدمه ، وقد تقدم الإخفاء لغةً واصطلاحاً ، واسمه إخفاء شفوي واجب بغنة .
الحكم الثاني الإدغام :
وذلك إن دخلت الميم الساكنة على الميم المتحركة مثال : ( في قلوبهم مرض – من خشية ربهم مشفقون ) ، واسمه إدغام مثلين صغير واجب ، وقد تقد الإدغام لغةً واصطلاحاً .
الحكم الثالث الإظهار :
في بقية الحروف ويسمى إظهاراً شفوياً واجباً ، وقد تقدم لغةً واصطلاحاً .
ولنذكر لكل حرف مثالاً أو مثالين لتقيس ما غاب على ما حضر :
الهمز : ( عليكم أنفسهم ، هم أحسن أثاثاً ) .
التاء : ( أم تقولون ، لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً ) .
الثاء : ( ويضرب الله الأمثال – إذ يقولُ أَمْثَلُهُم ) .
الجيم : ( أم جاءهم ما لم يأت – أم جعلوا ) .
الحاء : ( أم حسبت – وأنتم حُرم ) .
الخاء : ( أم خُلقوا من غير شيء – أم خَلقوا السموات والأرض ) .
الدال : ( يمددكم – أمددناهم ) .
الذال : ( أو عجبتم أن جاءكم ذكر – أنزل الله إليكم ذكراً ) .
الراء : ( أمراً من عندنا – وهم راكعون ) .
الزاي : ( ثلاثة أيام إلا رمزاً – وتقطعوا أمرهم بينهم زبراً ) .
السين : ( إن يمسسكم – حين تمسون - فامسحوا بوجوهكم ) .
الشين : ( أمشاج نبليه – ولا تمشِ في الأرض مرحاً – يمشون مطمئنين ) .
الصاد : ( إن كنتم صادقين – أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين ) .
العين : ( أم على قلوب - وهم على صلاتهم ) .
الغين : ( فإنهم غير – وهم غافلون ) .
الفاء : ( وهم فيها - وأولادكم فتنة ) ، ويراعى الضغط على الميم في مثل هذا الموضع لئلا تختفي في الفاء للتقارب بينهما .
القاف : ( أنهم قادرون – أم هم قائلون ) .
الكاف : ( ويمكرون – وهم كافرون ) .
اللام : ( أم لهم شركاء – وأملي لهم ) .
النون : ( مِن مني يُمنى - من بعد خوفهم أمناً ) .
الهاء : ( يمهدون –أم هم ) .
الواو: ( أموالكم – أموات ) ، ويضغط على الميم في مثل هذا الموضع لئلا تختفي لشدة التجانس بينهما .
الياء : ( أم يقولون – وهم يعلمون ) .
فإذا سئلت عن شيء من ذلك قلت : إظهار شفوي واجب.
مسأله :
إذا سئلت عن مثل قوله تعالى : ( وهم بربهم )، ( آتيناكم بقوة ) فالأرجح أن تقول : هو إخفاء شفوي واجب بغنة ، وإظهار متجانسين صغير ؛ لأن الاختصار على الإخفاء اختصار على الفرع دون الأصل ، والغنة صفة على أرجح الأقوال ، والباء والميم أصل فلابد أن نذكر الأصل والفرع والله تعالى أعلم .
قال صاحب التحفة :-
( وَالمِيمُ إِنْ تَسْكُنْ تَجِي قَبْـلَ الْهِجَـا ) أي قبل الحروف .
( لاَ أَلِـفٍ لَيِّنَـةٍ لِــذِي الْحِـجَـا ) أي لذي العقول .
أَحْكَامُهَـا ثَلاَثَـةٌ لِـمَـنْ ضَـبَـطْ
إِخْفَـاءٌ ادْغَـامٌ وَإِظْهَـارٌ فَـقَـطْ
فَـالأَوَّلُ الإِخْفَـاءُ عِـنْـدَ الْـبَـاءِ
وَسَـمِّـهِ الشَّـفْـوِيَّ لِـلْـقُـرَّاءِ
وَالثَّـانِ إِدْغَـامٌ بِمِثْلِـهَـا أَتَــى
وَسَمِّ إدْغَامًـا صَغِيـرًا يَـا فَتَـى
وَالثَّالِـثُ الإِظْهَـارُ فِـي الْبَقِـيَّـهْ
مِـنْ أَحْـرُفٍ وَسَمِّهَـا شَفْـوِيَّـهْ
وَاحْذَرْ لَدَى وَاوٍ وَفَـا أَنْ تَخْتَفِـي
لِقُرْبِـهَـا وَلاتِّـحَـادِ فَـاعْـرِفِ
فالاتحاد عند الواو والقرب عند الفاء .
وقال ابن الجزري في المقدمة :-
.................................. ... .......................... وأخفين
الْمِـيْـمَ إِنْ تَسْـكُـنْ بِغُـنَّـةٍ لَـــدَى
بَـاءٍ عَلَـى المُخْتَـارِ مِـنْ أَهْــلِ الأدَا
وقوله :
( على المُختار ) أي على المذهب القوي وإلا فقد ورد كما ذكرتُ الإخفاء والميم الخالصة ، لكن الإخفاء أشهر وأقوى .
وقال :
( وَأظْهِرَنْهَـا عِـنْـدَ بَـاقِـي الأَحْــرُفِ ) يعنى بذلك الإظهار الشفوي .
( وَاحْـذَرْ لَـدَى وَاوٍ وَفَــا أنْ تَخْتَـفِـي) ( ) للقرب في الفاء والتجانس في الواو.
وقوله :
(وَأَوَّلَـى مِـثْـلٍ وَجِـنْـسٍ إنْ سَـكَـنْ أَدْغِـمْ …....................... )
يدل على إدغام الميم في الميم لأنهما متماثلتان والله أعلم .